مع دخولها حيز التنفيذ..
الإسماعيل: صاحب السمو حدد معالم الخطة الاقتصادية
المري: الاقتصاد القطري يسير على وتيرة نمو مدروسة
مشاريع لوسيل تثير دهشة وإعجاب المهندسين البريطانيين
دخلت موازنة قطر التي أقرها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حيز التنفيذ اعتبارا من يوم أمس، وتتجه أنظار المستثمرين إلى حجم المشاريع التي تنوي الدوحة إطلاقها أو الاستمرار فيها، لاسيما بعد تواصل الحصار على الدولة منذ الخامس من يونيو الماضي.
وتستند الموازنة الجديدة إلى الرؤية التي وضعها حضرة صاحب السمو أمام الحكومة في خطاب افتتاح سموه لدور الانعقاد السادس والأربعين لمجلس الشورى، والتي أكد سموه فيها أنها تأتي من منطلق الإدراك بوجود وضع جديد لابد من التعامل معه، لذا فإن الاستراتيجية في مجال تحصين الاقتصاد الوطني يجب أن ترتكز على الانتهاء من التشريعات والمراسيم اللازمة لتسهيل الاستثمار، وتقليل البيروقراطية، وتطوير النظام البنكي بما يتوافق مع المهام الكبرى التي نواجهها في المرحلة الجديدة من بناء الاقتصاد والدولة.
والانتهاء من مشاريع الأمن الغذائي والمائي خلال مدد زمنية محددة، وتطوير صناعات وخدمات جديدة ضرورية لمجابهة أي طارئ وفي تنفيذ الإنشاءات وتلك الضرورية لصناعة النفط والغاز، والتوسع في العلاقات الاقتصادية والتجارية القائمة وبناء علاقات ثنائية جديدة.
واستكمال مشاريع البنى التحتية الجاري تنفيذها حاليا، وكذلك مشاريع كأس العالم 2022 بما يتناسب مع خطة التنمية الوطنية ورؤية قطر. وتطوير الموانئ البحرية، والتوسع في عقد اتفاقيات مع شركات النقل البحري العالمية لربط موانئ قطر مباشرة بالموانئ العالمية. وتعزيز قدرات شركة الطيران القطرية في الشحن ونقل الركاب.
والإسراع في تنفيذ الاستراتيجية السياحية بموجب جدول زمني. وتشجيع القطاع الخاص على الخوض في هذه المجالات وتيسيرها له. ولكن على القطاع الخاص أن يدرك أن عليه أيضا مسؤوليات تجاه بلده.
وفي استطلاع “الشرق” حول آفاق الاقتصاد القطري في 2018 وفي ظل بدء العمل بالموازنة الجديدة، قال الدكتور رجب الاسماعيل، استاذ الاقتصاد بجامعة قطر: إن الرؤية الحقيقية للاقتصاد القطري ستقوم على تنفيذ الخطة الاقتصادية التي أعلن معالمها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد العادي السادس والأربعين لمجلس الشورى، والتي تضمنت المحاور الاساسية السبعة لتحصين الاقتصاد الوطني، التي اشرنا إليها آنفا.
مضيفا أن موازنة قطر تدخل حيز التنفيذ بفائض مالي متوقع بقيمة 2.3 مليار ريال وهو ما يؤكد أن الاقتصاد القطري مقبل على وضع مريح من النمو، ومدعوما بعوامل إيجابية منها انطلاق أعمال ميناء حمد العام الماضي الذي يعتبر بوابة قطر الرئيسية للتجارة مع العالم، ويدعم الخطط الهادفة لتحويل دولة قطر إلى مركز تجاري إقليمي نابض في المنطقة من خلال الاستثمار في البنية التحتية والمناطق اللوجيسيتية.
وقد بدأت الدولة تجني المكاسب الاقتصادية من ميناء حمد ضمن منظومة موانئ الدولة الأخرى التي تديرها موانئ قطر، والتي تضم أيضا ميناء الدوحة وميناء الرويس، وذلك بفضل الخطوط البحرية المباشرة التي دشنتها قطر منذ بدء الحصار مع دول عديدة شقيقىة وصديقة مثل تركيا والهند وباكستان وإيران وغيرها من خطوط الشحن البحري والجوي مع دول مماثلة في آسيا وأوروبا، مما أسهم في تقليل التكلفة واختصار الوقت الخاص بالبضائع المستوردة، باعتبار أن البضائع والمنتجات تأتي مباشرة من موانئ المنشأ إلى ميناء حمد دون الحاجة إلى الموانئ الوسيطة.
ويضيف الدكتور الاسماعيل أن دولة قطر تدخل عام 2018 باقتصاد يقوم على أسس صلبة ومتينة، ويستند في ذلك إلى دعائم اساسية منها كون قطر هي أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، وأكبر مصدر للهيليوم في العالم، ومن أكبر مصدري البتروكيماويات، ومن المؤشرات التي تدل على قوة الاقتصاد القطري، النمو الكبير في عدد الشركات الجديدة التي تم تسجيلها في غرفة قطر التي بلغت منذ 5 يونيو 2017 (تاريخ إعلان الحصار على قطر) والتي بلغ عددها 3242 شركة، وفي نفس الإطار بلغ عدد المنشآت الصناعية القائمة والمقيدة بالسجل الصناعي لدى وزارة الطاقة والصناعة حوالي 730 منشأة صناعية باستثمارات تقارب 260 مليار ريال قطري. وهذه كلها مؤشرات تدل على أن اقتصادنا يدخل مرحلة الأمان ويسير على نفس وتيرة النمو الطبيعية خلال العام 2018.
نموذج لوسيل
رجل الأعمال والمستثمر في قطاع المقاولات، السيد جابر راشد المري، يقول في حديثه لـ “الشرق”: إن الاقتصاد القطري يتميز عن غيره من اقتصادات المنطقة بسيره على خطط مدروسة سواء من حيث المشاريع، حيث شهدنا افتتاح ميناء حمد مثلا في موعده المحدد دون أن يتأثر بمخططات الحصار، وكذلك باعتماد هذا الاقتصاد على موارد مالية تحصنه من جميع الهزات التي تشهدها المنطقة وتتسبب فيها الحروب والتوترات، وهذا ما لمسناه — بحمد الله — في الأزمات المالية الإقليمية منها والعالمية مثل ماحدث سنة 2008 مع الأزمة العقارية العالمية وماشهدها الاقتصاد العالمي بعد ذلك من ركود وتراجع صاحب الانخفاض الذي شهدته اسعار النفط العالمية. ولا ننسى أن موازنة قطر للعام الجاري تم إعدادها على اساس متحفظ لأسعار النفط بقيمة 45 دولارا للبرميل فيما تتجاوز الأسعار حاليا 60 دولارا.
ويضيف المري أن المستثمرين ينظرون بتفاؤل إلى مشاريع موازنة 2018 حيث من المتوقع وصول إجمالي قيمة النفقات على المشاريع الرئيسية إلى 93 مليار ريال، كما يتواصل التركيز على إنجاز المشاريع الحيوية في قطاعات الرعاية الصحية، والتعليم، والمواصلات، إضافة إلى المشاريع المرتبطة باستضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، ومن المتوقع أن يتم خلال العام الجاري التوقيع على عقود جديدة تقدر قيمتها بمبلغ 29 مليار ريال، وهو ما يساهم بدوره في تعزيز معدلات النمو في القطاع الخاص.
وفي تجربة تؤكد مكانة الاقتصاد القطري في أعين المتابعين والمراقبين العالميين، يتحدث السيد جابر عن تجربة مع نجله المهندس، الذي تخرج من جامعة داربي البريطانية، والذي نقل له كيف كان الأكاديميون والمهندسون البريطانيون في هذه الجامعة العريقة يبدون دهشتهم واستغرابهم من حجم الخرسانة المستخدمة في مشروع لوسيل، وطبيعة المخططات الهندسية التي يتم على اساسها تنفيذ هذه المدينة التي ينظرون إليها على أنها نموذج للتقدم الحضاري والمعماري. كما يتحدث السيد المري عن ما يصفه بـ (المعجزة الهندسية) في تصميم وبناء مواقف سوق واقف من جهة البحر الأمر الذي يعني المستوى العالي والمتقدم للرؤية التنموية في بلدنا والتي تقوم على البناء السليم والتخطيط المدروس.