يُعتبر كأس العالم 2022 مشروع دولة كاملاً، وليس للجنة العليا للمشاريع والإرث، أو اللجنة المنظمة المحلية فقط؛ ولذلك تعمل كل مؤسسات الدولة لإنجاز ما عليها لإكمال مشاريعه، والتي تعتبر جزءاً من الرؤية الوطنية لقطر 2030، بركائزها الـ 4 التي تقوم على التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتنمية البيئية. ولذلك يجب عدم النظر إلى البطولة باعتبارها ملاعب فقط، فهي منشآت مستدامة وإصلاحات واسعة وتطوير كبير للبنية التحتية في الدولة، تستصحب معها نظرة مستقبلية للبلد ولأبنائها.
في هذه المساحة الشهرية، نلقي الضوء على العديد من المشاريع التي يقوم بها شركاء اللجنة العليا للمشاريع والإرث لإنجاح هذه البطولة، والتطورات في كل المشاريع الخاصة بالبطولة التي ينتظرها الجميع بشغف كبير، لتأكيد أن المواطن القطري والخليجي والعربي على أهبة الاستعداد لتنظيم أية فعالية مهما كانت كبيرة.
وباعتبار كأس العالم 2022 هي الأولى في المنطقة، فمن المؤكد أن العالم كله يتابع ما يتم من أعمال، ولذلك فمن باب أولى أن يتم توضيح الصورة كاملة بالنسبة للمقيمين في البلد الذي يستضيف البطولة، ونخصص المساحة هذا الشهر لاستاد الثمامة الذي يُعتبر من الملاعب التي ستترك إرثاً مهماً بعد البطولة.
كشفت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، في أغسطس 2017، عن تصميم سادس استاد من استادات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022، وهو استاد الثمامة الذي يرمز إلى الثقافة القطرية والعربية الغنية وتاريخ المنطقة العربية العريق. وسيستضيف استاد الثمامة -البالغة سعته 40,000 مقعد- مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022 حتى الدور ربع النهائي، ومن المقرر افتتاح استاد الثمامة في 2022.
وقد استوحى المهندس المعماري القطري إبراهيم الجيدة -الرئيس التنفيذي للمكتب العربي للشؤون الهندسية، الذي صمم استاد الثمامة- تصميم الاستاد من شكل القحفية، وهو الاسم الذي تُعرف به القبعة التقليدية التي يرتديها الرجال في دول الوطن العربي وعدد من الدول الأخرى، وتمثل القحفية رمزاً للكرامة والاعتزاز بالنفس، وهي بذلك خير رمز لقطر وباقي دول المنطقة.
ويقع الاستاد في منطقة الثمامة التي يحمل اسمها، وهي منطقة حيوية تقع جنوب مدينة الدوحة، وتبعد 6 كم تقريباً عن الكورنيش، و5 كم جنوب غرب مطار حمد الدولي الذي سيستقبل ما يقرب من 200,000 مسافر يومياً خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم. كما يعدّ الموقع قريباً من العديد من محطات الخط الأحمر لمترو الدوحة، مما سيسهل تنقل المشجعين ما بين أماكن إقامتهم والاستاد، ويمكنهم أيضاً من مغادرة الاستاد أو الوصول إليه بسرعة في حال رغبوا في حضور مباراة أخرى في اليوم ذاته.
وقد سبق أن استضاف موقع استاد الثمامة النموذج التجريبي لتقنية التبريد المبتكرة عام 2010؛ حيث زاره أعضاء «الفيفا» للتأكد من نجاح التقنية في خضم تقييمهم لملف قطر لاستضافة البطولة، كما استضاف الموقع ذاته أربع دورات تدريبية للاتحاد القطري لكرة القدم، وتصفيات بطولة كأس العمال، وهي مبادرة أطلقتها اللجنة العليا لتمكين العمالة الوافدة من مختلف أنحاء قطر للعب كرة القدم بشكل تنافسي، والتي شارك فيها ما يزيد عن 10,000 عامل بناء في نسخها الأربع ما بين 2013 – 2017.
وكباقي استادات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022، فقد حرصت اللجنة العليا للمشاريع والإرث على أن تترك تلك الاستادات إرثاً مستداماً تنتفع به الأجيال القادمة من الشباب داخل قطر وخارجها، فمع إسدال الستار على البطولة في 2022، سيتم تخفيض الطاقة الاستيعابية للاستاد في مرحلة الإرث ما بعد البطولة إلى 20,000 مقعد، أما الـ 20,000 مقعد الآخرين فستُمنح إلى الدول التي تفتقر إلى البنية التحتية الرياضية، كما سيكون لاستاد الثمامة أثر واسع النطاق على الساحات الاقتصادية والرياضية والثقافية في قطر؛
حيث ستكون المنطقة المحيطة بالاستاد غنية بمرافق عدة يتصدرها فندق مميز سيُبنى داخل الاستاد، وسيحوي 60 غرفة. علاوة على ذلك فسيشكل الاستاد والمنطقة المحيطة به مركزاً حيوياً لأهالي منطقة الثمامة وروادها؛ حيث ستحتضن مرافق رياضية متعددة إلى جانب مسجد ومنافذ بيع بالتجزئة وأخرى تجارية، بالإضافة إلى فرع لمستشفى الطب الرياضي «أسبيتار» ذي الطراز العالمي.
ومنذ الإعلان عن التصميم، فقد بدأت أعمال البناء في استاد الثمامة، ويسير العمل به على قدم وساق، ووفقاً للخطط والبرامج الموضوعة والجدول الزمني المحدد، كما أكد المهندس سعود عبد العزيز الأنصاري مدير مشروع استاد الثمامة؛ حيث قال: «تعقد إدارة مشروع استاد الثمامة اجتماعات دورية مع المقاول والعاملين في المشروع لتقييم الأداء ومتابعة سير العمل والتأكد من الالتزام بالجداول الزمنية المقررة لأعمال البناء، كما تعقد جلسات خاصة خلاف الاجتماعات الدورية المجدولة لمتابعة بعض المستجدات التي قد تطرأ أحياناً».
ويقف استاد الثمامة دليلاً على عدم تأثر دولة قطر -ولا سيما مشاريع بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022- بالحصار الجائر المفروض على قطر؛ حيث أطلقت اللجنة العليا للمشاريع والإرث تصميم الاستاد في شهر أغسطس من العام الماضي، أي بعد مضي شهرين على فرض الحصار، وبطبيعة الحال فلم يتأثر سير العمل في المشروع على الإطلاق، بل على العكس تماماً إذ كان العمل في مرحلة مبكرة وتم التنسيق مع المقاول لتوفير البدائل المطلوبة التي أثبتت جودة أفضل وتكلفة أقل من المواد التي كانت مستخدمة قبل الحصار.
وسيزود استاد الثمامة بعدد من التقنيات التكنولوجية التي ستجعله من أحدث الاستادات العالمية المجهّزة بجميع التجهيزات التي تضمن سهولة الوصول والاستمتاع بالتجربة الكاملة للمباريات للأشخاص ذوي الإعاقة، وقد جربت اللجنة العليا للمشاريع والإرث بعض هذه التقنيات بالفعل في استاد خليفة الدولي الذي جُهز بغرفة لمرضى التوحد خلال حفل الافتتاح في تجربة رائدة على مستوى المنطقة والعالم.
ويخضع موقع مشروع استاد الثمامة -كباقي استادات البطولة- إلى معايير رعاية العمال التي وضعتها اللجنة العليا للمشاريع والإرث، والتي تحرص على التزام جميع المقاولين ومزودي الخدمة بها. وفي هذا الصدد يقول سعود عبد العزيز الأنصاري، مدير مشروع استاد الثمامة: «جميع المقاولين ومزودي الخدمات العاملين مع اللجنة العليا ملتزمون بمعاييرنا الخاصة برعاية العمال، والتي وُضعت لتوفير أعلى معايير الأمن والسلامة للعمال في مواقع عملهم وأماكن إقامتهم؛ حيث تُشرف اللجنة العليا إلى جانب مؤسسات عالمية كالاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب وشركة التدقيق العالمية «إمباكت» على التزام المقاولين العاملين في الاستادات بهذه المعايير، وذلك من خلال زيارات تفتيشية دورية، ومن خلال التواصل المباشر مع العمال وممثليهم؛ حيث تعمل اللجنة العليا بالتعاون مع المقاولين والشركاء على تصويب أي أوضاع مخالفة، وتتخذ إجراءات حازمة مع المخالفين».
«أشغال» توفر انسيابية مرورية لـ «الثمامة»
نفذت هيئة الأشغال العامة «أشغال» جملة من مشروعات الطرق، والطرق السريعة، وأعمال البنية التحتية المختلفة؛ التي تخدم مرافق استاد الثمامة، والحركة المرورية هناك.
كما تعتزم «أشغال» تنفيذَ مشروعات جديدة تسهل الحركة المرورية في محيط الاستاد، وعلى رأسها تقاطع مسيمير المعروف بدوار العبيدلي، وتحويله إلى تقاطع من عدة مستويات يتميز بتدفق مروري حر.
الطريق الدائري السابع
افتتحت هيئة الأشغال العامة «أشغال» الطريق الدائري السابع؛ الذي سيتصل بالطريق الدائري السادس ليربط الحركة المرورية القادمة من الطريق المداري والجزء الجنوبي من طريق الدوحة السريع (طريق الوكرة الموازي)، لذلك يعتبر محوراً مرورياً يوفر خيارات إضافية للتنقل، ويتصل بعدد من الطرق السريعة، ويسهل حركة المرور من جنوب البلاد إلى جنوب الدوحة واستاد الثمامة.
كما يخدم أيضاً عدداً كبيراً من الأحياء والمجمعات السكنية والتجارية في مناطق الوكرة والوكير والثمامة وغيرها، حيث يتصل مع الجزء الجنوبي من طريق الدوحة السريع (طريق الوكرة الموازي) عند تقاطع «أم بشر»، والمكون من أربعة مستويات، ويضم كذلك أعلى جسر في قطر بارتفاع حوالي 36 متراً.
وحقق الطريق الدائري السابع أثراً إيجابياً كبيراً على الحركة المرورية في جنوب البلاد، ويمتد الطريق الدائري السابع على مسافة 22 كيلومتراً من مطار حمد الدولي، وصولاً إلى الطريق المداري، ويتضمن خمسة مسارات في كل اتجاه، بالإضافة إلى حوالي 48 كيلومتراً من المسارات المخصصة للمشاة والدراجات الهوائية، والتي تحيط بها أعمال التجميل والتشجير. وقد بلغت التكلفة الإجمالية لإنشاء الطريق الدائري السابع حوالي أربعة مليارات ريال قطري.
طريق الدوحة السريع
افتُتِح الطريق الرئيسي والتقاطعات الخمسة التي يضمها في عام 2017؛ ليوفر خياراً إضافياً للتنقل بين مناطق الوكرة والوكير والمشاف وبين الدوحة. وشكل افتتاح الجزء الجنوبي من طريق الدوحة السريع (طريق الوكرة الموازي) فرقاً ملموساً على الحركة المرورية في المنطقة، كونه يجذب جزءاً كبيراً من الحركة المرورية التي تمر من خلال مدينة الوكرة للوصول للدوحة شمالاً أو لمسيعيد جنوباً عبر طريق الوكرة الرئيسي ومنه إلى الدوحة، وصولاً إلى الطريق الدائري السابع والطريق الدائري السادس.
ويضم طريق الوكرة الرئيسي حالياً مسارين فقط في كل اتجاه، ومع إنشاء طريق الدوحة السريع الذي يضم خمسة مسارات في كل اتجاه، أصبح بإمكان مستخدمي الطريق استخدامه للوصول لوجهاتهم، متجاوزين المرور عبر مدينة الوكرة، مما سيقلل الزحام المروري بشكل كبير، وسيصبح الوصول سهلاً ومباشراً إلى الطريق الدائري السابع، وإلى مطار حمد الدولي أو إلى الدوحة، أو الوصول مباشرة للمناطق الجنوبية كمسيعيد وميناء حمد، حيث إن طريق الدوحة السريع يتصل بشكل مباشر مع الطريق المداري.
ويقع طريق الدوحة السريع في غرب مدينة الوكرة، ويبدأ بالقرب من طريق المشاف شمالاً، ويمتد لأحد عشر كيلومتراً، وصولاً إلى طريق مسيعيد في الجنوب. ويتكون الطريق الرئيسي من خمسة مسارات في كل اتجاه، وخمسة تقاطعات متعددة المستويات؛ تتضمن جسوراً وأنفاقاً، وممرات
للمشاة والدراجات الهوائية بطول كلّي يبلغ 87 كيلومتراً. وقد بلغت التكلفة الكلية للمشروع أكثر من ملياري ريال قطري.
مشروع امتداد روضة الخيل
يتضمن امتداد شارع روضة الخيل خمسة تقاطعات متعددة المستويات، من بينها: تقاطع وادي لوبرة، وتقاطع أم السنيم، وتقاطع مسيمير، وسيعمل امتداد شارع روضة الخيل، الذي يبلغ طوله 12.5 كيلومتراً، على توفير طريق متواصل بين المنطقة الصناعية ومنطقة الثمامة، وذلك من خلال تطوير وتحسين طريق المنطقة الصناعية، وطريق الصناعية الشرقي، والطريق الدائري السادس، ومنه إلى استاد الثمامة.
وقد صُمم المشروع بشكل يخدم المنشآت السكنية والتجارية في مناطق أم السنيم ومسيمير والمنطقة الصناعية، كما سيعمل على تعزيز وتسهيل الوصول لوجهات ومنشآت مهمة؛ مثل مشروع بروة الشارع التجاري، والمدينة العمالية، ومقبرة مسيمير، وغيرها.
الطريق الدائري الخامس
انتهت هيئة الأشغال العامة «أشغال» في 2017 من جميع أعمال تطوير الطريق الدائري الخامس، وشارع نجمة الذي يتصل مباشرة بمنطقة الثمامة، حيث يقع استاد الثمامة.
ويشمل مشروع تطوير الطريق الدائري الخامس، وشارع نجمة، تطوير 3 كيلومترات من شارع نجمة، وتطوير حوالي 3.3 كيلومترات من الطريق الدائري الخامس؛ لتوسعته إلى أربعة مسارات في كل اتجاه. كما شملت أعمال المشروع إنشاء 3 تقاطعات جديدة بإشارات ضوئية، ومكان للدوران للخلف عند تقاطع طريق الدائري الخامس مع شارع المطار.
كما تم تنفيذ أعمال التجميل والتشجير في المنطقة كجزء من المشروع، بما في ذلك توفير ممرات لسائقي الدراجات الهوائية، ومواقف للسيارات، ومرافق البنية التحتية.
الطريق الدائري السادس
أكملت هيئة الأشغال العامة «أشغال» أعمال الطريق الدائري السادس بنهاية 2014 وافتتاحه أمام الحركة المرورية، والذي يخدم بشكل رئيسي حركة المرور بين منطقة الثمامة والمناطق المحيطة بها؛ كاستاد الثمامة، وشارع المطار، ويساهم في تسهيل الحركة المرورية المتجهة إلى مطار حمد الدولي، ويقلل من حدة الازدحام المروري بهذه المنطقة بشكل كبير.
وشمل مشروع الطريق الدائري السادس إنشاء طريق رئيسي بطول 7.2 كيلومترات، يتكون من 8 مسارات، مقسمة إلى 4 مسارات في كل اتجاه، بالإضافة إلى طريق خدمي بمسارين في كلا جانبي الطريق الرئيسي. ويحتوي الطريق أيضاً على ممرات مخصصة للمشاة والدراجات الهوائية، كما شمل المشروع إنشاء تقاطعين ذوي مستويين مع شارعي نجمة والمطار.
الجيده: فخور بتصميم الاستاد
أعرب المهندس المعماري إبراهيم محمد الجيده -الرئيس التنفيذي للمكتب العربي للشؤون الهندسية- عن سعادته بفوزه في مسابقة اختيار تصميم استاد الثمامة من بين مجموعة من مكاتب الاستشارات المعمارية.
وأكد أن هذا الاختيار شرف كبير له كمواطن قطري يساهم في نهضة وتعمير البلاد؛ من خلال منشآت كأس العالم قطر 2022، مبيناً أن هذا الإنجاز العالمي سيبقى مفخرة للأبد.